السبت، 23 مارس 2013

الشلة و زفة العفش

من أول ما جه لنا الخبر أننا هننقل مدرسة جديدة واحنا بدأنا ندور على كراتين زى اللى معزلين من بيتهم، على قد ما مدرستنا كانت مهدمة وواقعة بس كانت بتاعتنا ولمانا كلنا بدل ما هنروح ضيوف على غيرنا، وأحلى حاجة لما كنا بنقف نتفرج على الجيران من عند سور الدور التانى جنب غرفة رضوة ومروة بتاعة الاقتصاد المنزلى على زفة العفش، كانوا لما يبقى فيه عروسة جديدة بتتجوز يعملوا لها زفة للعفش طبعا سيبكم من العربيات الربع نقل اللى بتبقى شايلة الكراسى والمراتب وعفش البيت من الخشب، لكن كان كل ست وبنت وطفل فى البلد كل واحد لازم يشيل حاجة فازة مثلا، بطانية، مخدة، لحاف، صينية العشا ويمشىوا فى تظاهرة كبيرة وكل واحد شايل الحاجة من غير ما تكون فى كيس ولا متغطية عشان البلد كلها تشوفها ، وطبعا كنا نقعد راصدين الموقف عشان بعد الفرح نشوف عربيات الصباحية اللى شايلة قفافيص البطاطس والطماطم وشوا ل الرز والدقيق وخزين سنة كاملة، الحقيقة كان ده بيشكلنا  احنا بنات المدينة منظر مذهل وجديد علينا لأن الحاجات دى اختفت من بلدنا ولأنها كانت طقوس جميلة وبالنسبة لى أنا كانت مجال لرصد حالة من المشاركة الاجتماعية اللى لسه مظاهرها موجودة فى بلاد الأرياف عندنا فى مصر، واللى لسه فيها الناس عارفة بعض وبتشارك بعض الفرح والحزن، على فكرة يوم الصباحية الحاجة كلها بتدخل شقة الحماة وكل واحدة من الجيران والقرايب لأهل العريس بتجيب صينية وتاخد نصيبها من الفاكهة والكحك والبسكويت والغريبة، وكنا نقف نتفرج على المنظر كان بالنسبة لنا بجد مشهد عجيب والناس بتعمله ببساطة لأنه جزء من عاداتهم، اللى ما كانش فى بالنا أبدا أننا هنعمل زفة العفش اللى كنا بنقف نتريق على الناس وهما بيعملوها وياريتنا بنزف عفش عروسة، لا بنزف عفش المدرسة، ا/ ابراهيم جمعنا وقالنا احنا ما عندناش ميزانية للنقل عشان كده انتوا مضطرين كل واحدة تستعين بالبنات وتودوا الحاجات بنفسكم ، بصينا لبعض وموتنا على روحنا من الضحك ، كنا مفكرينه بيهزر، لكن استعاد فى دقيقة زغرته إياها لما بيكون جاد وحاسم عشان ما يديش فرصة لواحدة فينا تتناقش.
وبالفعل جبنا البنات وحطينا السجلات والأوراق وشوية حاجات فى اكياس ومشينا فى زفة واحنا نضحك والبنات تضحك والبلد كلها اتفرجت علينا(وده يعلمكم درس مهم أوعوا تتريقوا على حد هتلف تلف وتحصل لكم)وطبعا المشوار كان علقة وعلى مدار اسبوع كان لازم نعمل المشوار ده مرتين كل يوم، المشكلة فى المدرسة اللى رحنا لها ما كانش فيها مكان لينا خالص واضطرينا نكوم حاجتنا فى الطرقة ، ولاننا فى نظرهم اغتصبنا مكانهم فلكم ان تتخيلوا مدى الترحاب، كل اللى كان صعبان عليا هو بجد شقايا وتعبى أنا وشلتى اللى ضاع هدر فى المكان اللى هناك، وعدم وجود ولو حتى مربع صغير يلمنا ونقعد فيه سوا زى ما كانت أوضة الاقتصاد بتلمنا ناهيكم عن طقس الفطار والشاى اللى كان بقى عادة بفضل رضوة ومروة، واليوم اللى راحت بركته لأننا خلاص هنبدأ 7 وننتهى 12 ونص ما احنا بقينا فترة بعد ما كنا يوم كامل ، المشكلة إنى كنت خلاص حبيت المدرسة والبنات والبلد وشلتى، وكانت امتع أوقات اليوم هى اللى بأقضيها معاهم ولما كنت بأروح البيت كنت بأكمل على التليفون أو نتقابل، مش كده وبس كنا اتعرفنا على مدرسات المدرسة بشكل أعمق وبدأ التفاعل بينا وبينهم بشكل أكثر وداً، والناس هناك طلعوا طيبين أوى وحبونا جدا رغم اننا اندمجنا معاهم بس ما قدرناش ندوب فيهم بالعكس فضلنا محتفظين بخصوصية علاقتنا ببعض، وطريقتنا اللى كانت متسيدة المجموعات التانية، وموقعنا جوه المدرسة سواء القديمة أو الجديدة كان بقى قوى جداً بفضل اتحادنا وتعاوننا مع بعضنا، ولأن كان عندنا جدية فى شغلنا على قد حبنا للهزار واهتمامنا بشكلنا اللى كان طبعا بيفرق عن شكل أهل البلد، ولما الآخرين اكتشفوا دا فينا وبدأنا نكتر قوتنا زادت وبقينا أصحاب قرار، ولينا وزن، يمكن البعض يقول دا شغل عيال، لا لو حد حابب يشتغل فى وظيفة مهمة نصيحة لازم هو يثبت أولاً أن أهمية الوظيفة فى أن هو اللى بيشغلها، وأن دماغه مليانة أفكار لما تتطبق فى أى مكان تحول الوظيفة التافهة لشىء مهم، واحنا ماكناش عاوزين القوة جوه المدرسة عشان الشر أو التغيير السلبى، أحنا بأمانة كنا عاوزين نساعد الناس هناك فى تعديل اسلوب حياتهم عن طريق تعليم اولادهم اللى كانوا هيساعدونا فى التغيير لما نفهمهم ، يعنى رضوة ومروة لما كانوا بيعلموا البنات أمور عن نظافة وتنسيق البيت والنظافة الشخصية و امور متطورة تهم اى بنت أو ست من خلال مادتهم، ماهو أكيد دا كان بيرتد عليهم، ومها لما كانت بتعلمهم اشغال فنية رسم على القزاز وعمل لوحات من الخشب واكسسوارات من السللك بتاع الكهرباء مش كل ده كان بينفعهم، ونونا لما كانت بتديهم فى العلوم اهمية النظافة وخطورة الديدان وتشرح لهم حاجات عن اجسامهم ومدرسات العربى لما كانوا بيعلموهم حب القراءة والإطلاع، وانا لما كنت باكلل كل ده بانى اساهم فى حل مشاكلهم الاقتصادية بنوع ولو بسيط من المساعدة، واسمعهم واحمسهم يكملوا تعليمهم، واعلمهم الديمقراطية والقيادة، والحوار والتعاون وكل المبادىء اللى كان نفسى تنزرع فيهم عشان ابقى اديت رسالتى وساهمت فى صنع جيل أفضل واحنا كلنا بشكلنا الحلو ولبسنا المتناسق والبسمة اللى كانت منورة وشوشنا طول الوقت مش كل ده كان بيساهم بشكل أو بآخر فى أنهم يكونوا أفضل وده كان يلزمه قوة ووزن عرفتوا بقى ليه دا مش شغل عيال.

الأربعاء، 20 مارس 2013

سنة جديدة

الصيف مر زى الحلم أنا مريت على السنة الأولى مرور الكرام رغم أن فيها تفاصيل كتيرة ، بس دى مش عشان التفاصيل دى مش مهمة لكن عشان هترتبط بأحداث مهمة بعدين فى شغلتى فأحب أذكرها وقتها، وكمان لما بيمر على حدث ما 13 يوم مش 13 سنة الواحد بيقع منه تفاصيل كتير، لكن السنة دى أنا بدأتها بروح مختلفة، كنا كشلة اتوطدنا علاقتنا بشكل كبير جداً وبقى وجودنا فى الشغل أو على التليفون مع بعض أو فى حالة تزاور شىء عادى، والشغل بالنسبة لنا بقى فسحة ومرح مادمنا مع بعض، والسنة دى لما بدأت كانت حاجات كتير جواياى اتغيرت ، يعنى كنت اتاقلمت مع العربيات الرومانى اياها والأفف، وزحمة الناس.

 مش كده وبس كنت بدل ما بأشيل هم مرواحى للشغل، باحب اروح بدرى جداً عشان املى صدرى من الهواء البكر واغذى عيونى بمنظر الخضرة على جوانب الطريق، وما كنتش بأتضايق من المشوار اللى بأمشيه لحد المدرسة، كنت بأروح وأنا حاسة أنى منتشية، وبدأت أحضر الطابور رغم أن الاستاذ ابراهيم ما طلبش منى ده، بالعكس كان عارف صعوبة المواصلات فبقى يسمح لنا نتأخر ونجى براحتنا، لكن أنا كنت بدأت أنظم مسابقة ثقافية للبنات وكنت باقف فى وسط الحوش اللى من غير سور واللى الجيران حاطين فيه القش والفراخ ماشية تلقط الأكل والمعيز واقفين فى أخر الطابور، كل ده بدأت اتعود عليه ورغم ان البنات كانوا بيجوا المدرسة ببنطلون البيجامة والشبشب البلاستيك لكن فى النهاية انا كل حلمى أن المدرسة يبقى لها سور، ويظهر أن ربنا استجاب لى فبعد مخاطبات كتير أوى من الاستاذ ابراهيم استجابت الإدارة التعليمية وخاصة بعد ما جت لجنة وشافت السقف المنهار وطبعا دا كان حصل من سنة واللجنة قررت يظهر تستنى لما المدرسة تجيب آخرها، وطلع قرار بنقل مدرستنا لمدرسة البنين الإعدادية ودى كانت بعيدة يجى كيلو ونص عن المحطة وعشان القرارات فى بلدنا اللى بيطلعها عادة لازم يكون ما بيفهمش فطلع القرار بأننا نكون فترة مسائية، طبعا دا كان مستحيل فى منطقة المدرسة اللى هنروحها على شط الميناء لأن البلد دى كانت بتطل على بحيرة المنزلة، الاستاذ ابراهيم ما سكتش حشد الناس ضد القرار وخاصة اولياء الأمور ورغم انه وكيل مش مدير لكن امتنعت وضغط على المدير بعدم تنفيذ النقل إلا بعد تغيير الفترة المسائية لصباحية.
وبالفعل تحت الضغط وافقت الإدارة رغم اعتراض المدرسة اللى هتستضيفنا، لكن أهو حصل وبدأنا طبعا نحزم متاعنا عشان ننقل العفش للبيت الجديد فى وقت حرج اوى وكأن الصيف بطوله ما كانش كافى للادراة لاتخاذ القرار قبل ما الطلبة تيجى والدنيا تتدربك فوق دماغنا، كنت وقتها بأعمل حاجة اسمها انتخابات الاتحاد الطلابى، وصممت على أن المدرسين هما اللى ينفذوها، عاوزة اقولكم انى كنت عنيدة ومستقوية وبايعة القضية وناوية انفذ المهنة باستتقتال عجيب فى الاول صراحة كنت عاوزاهم يفصلونى، وبعد كده بدأت أحب مساعدتى للبنات وحبهم ليا والتفافهم حواليا، وكان قدامنا اسبوعين وننفذ النقل وصممت اخلص الانتخابات قبل النقل وبالفعل كان اول مرة المدرسين يتم اجبارهم على تنفيذ حصة ريادة بجد رغم انفهم، عاوزة اقولكم ان باهر كان مشى وعمرو كمان كان بيستعد للمشى وفضل معانا كيمو نونو، كان الحقيقة يوم عيد المدرسة مشيت بفضل تعاون الاستاذ ابراهيم ماهو لما بدأ  يؤمن بأنى بتاعة شغل وبأحاول بكل طاقتى وبكل جدية اساعد البنات واحقق الهدف من شغلانتى اللى هى التربية الاجتماعية، الاحترام بتاعه ده بدأ يترجم فى أوامر صارمة لتنفيذ كل طلباتى اللى هى كانت قوانين ولوائح منظمة لشغلى، واختفى الجدل تماماً، واختفت المقاومة ، واختفى التهكم ، وحل محلهم الايقاع السريع والتعاون المثمر المحترم اللى انعكس على شغلى فظهرت بوادره وبدأت البلد تحكى كل يوم على قهوتها على مدرسة الاستاذ ابراهيم وطبعا ده كان بيبسطه، وخاصة انه حس اخيرا ان ليا لزمة، وان مدرسين المواد مش أحسن منى، لأن الضجة والشهرة اللى عملتها للمدرسة فى سنة ما عملهاش اى مدرس فى سنين.
عاوزة اقول كمان ان الموضوع ده كان مفرحنى، كل ما كنت بأشوف البنات متحمسين وفرحانين ومهتمين وبيحبونى واللى باعمله معاهم بيجيب نتيجة ايجابية ، كنت بابقى عاملة زى الطفلة اللى جالها لبس جديد فى العيد، وابتديت احس ان تطبيق العلم فى أرض الواقع مش صعب ولا مستحيل، القصة فى نوع العلم وحماسة اللى بيطبق، واتعمل عندنا مجلس آباء، مش هتصدقوا مين اللى راح جاب لى الناس من القهوة واتصل على الباقيين فى بيوتهم ،أيوة هو الاستاذ ابراهيم الراجل الصامت اللى كان بيملك العصا السحرية لتحريك كل الأحداث، الراجل اللى بجد نفسى يظهر لنا واحد زيه فى مصر يديرها زى ما كان بيدير المدرسة بدل الخيبة اللى احنا فيها.
عاوزة أقولكم أن رضوة كانت اتجوزت اخر السنة اللى فاتت وبقية الشلة فضلوا زى ماهما، وكمان على أول السنة تأكدت الرؤية انها حامل ولانها كانت حبيبتنا كلنا فكنا فرحانين بالبيبى كانه ابننا كلنا، وعاوزة اقولكم ان ضجتنا فى المواصلات كانت مالهاش حل، لدرجة ان مرة واحنا كالعادة ناسيين نفسنا وبنضحك بصوت عالى ونتكلم فى نفس واحد وكاننا فى عربية خاصة مش رومانى زعقت فينا ست فلاحة كبيرة زى العسل قالت لنا اسكتوا شوية ايه راديون، سكتنا لحظة زى التلامذة وانفجرنا فى كريزة ضحك والله ما على الست ولا لهجتها البسيطة بس عشان اول مرة كان حد يتضايق للدرجة دى مننا ويلفت نظرنا بالطريقة العسل دى وتصبحوا على خير